masjidbadr
  أقلام المسجد
 

 

 



 

 

إشراقة شهر رمضان المبارك وواقع المسلمين اليوم

 

الدكتور عدنان علي رضا النحوي

 
"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ..." [ البقرة : 185 ]

مع هذه الأيّام تتلفَّت قلوب المؤمنين المتقين تنظر إشراقة شهر رمضان المبارك ، لتزيح إشراقتُه الظلام الذي يحيط بالنَّاس في الأرض ، وقد عَّمت البلوى، وامتدَّ الهرج والمرج ، وكثرت الزلازل والبراكين والفياضانات ، وماجت دماء المجازر ، وهاجت أعاصير الفتن ، واستبدَّ الظلم والفساد والعُدْوان .

شهر رمضان المبارك أعظم الشهور ، ففيه وقعت أعظم الأحداث وأكثرها خيراً وبركةً على النَّاس ، على مرِّ العصور ، مع توالي الأنبياء والمرسلين . فقد أُنزلت الكتب الإلهيَّة على الأنبياء والمرسلين في هذا الشهر . فعن وائلة بن الأسقع أنَّ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال : ( أُنزلت صحف إبراهيم في أوّل ليلة من رمضان ، وأُنزلت التوراة لستٍّ مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان ، وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان )
[ أخرجه الإمام أحمد ](1)

وقد أُنزلت الصحف والتوراة والزبور والإنجيل ، كلٌّ منها أُنزل جملة واحدة على النبيّ الذي أُنزل عليه ، وأمَّا القرآن الكريم فقد أُنزل إلى بيت العزّة من السماء الدنيا جملة واحدة في شهر رمضان في ليلة القدر ، ثمَّ أُنزل بعد ذلك مفرَّقاً حسب الوقائع على رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في ثلاث وعشرين سنة :
"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " [ القدر : 1]
"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ " [ الدخان : 3 ]

وكذلك :
"وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً " [ الفرقان : 32 ]

وأيُّ خير لدى البشريّة كلّها أعظم من نزول الكتب الإلهيّة على الأنبياء والمرسلين ، وأيُّ خير أعظم من نزول القرآن الكريم هدى للنَّاس كافَّة وآيات بيّنات من الهدى والفرقان .

وأيّ نعمة أعظم على النَّاس من أن يُفرَق بين الحقِّ والباطل بآيات بيّنات ، ويُخْرَجَ الناس من الظلمات إلى النُّور بإذن ربِّهم .

وأيّ ليلة أعظم من ليلة القدر :
"لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " [ القدر : 3-5 ]
"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "
[ الدخان : 3-6 ]
وعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال قال: رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: " أتاكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنَّة ، وتغلّق فيه أبواب الجحيم ، وتغلُّ فيه مردة الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرِم خيرها فقد حُرِم " [ أخرجه أحمد والنسائي والبيهقي](2)
وعنه أيضاً : إنَّ الله _تعالى_ يقول : " إنَّ الصوم لي وأنا أجزي به ، إنَّ للصائم فرحتين ، إذا أفطر فرح ، وإذا لقي الله _تعالى_ فجزاه فرح . والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "
[ أخرجه مسلم وأحمد والنسائي ](3)
وعنه : " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنَّة ، وغلّقت أبواب النار وسلسلت " صفدت " الشياطين " [ رواه الأربعة ](4)

والأحاديث الشريفة عن فضل شهر رمضان كثيرة تكشف لنا عظمة هذا الشعر وخيره وبركته على من التزمه صياماً وقياماً وآداباً ، فيعتق الكثيرون من النَّار وتغفر ذنوبهم .
فعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال : " مَنْ صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر " [ أخرجه الشيخان وأحمد ](5)

ولقد وقعت أحداث هامة ومعارك فاصلة في حياة المسلمين في شهر رمضان المبارك . ففيه كانت غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة ، وفتح مكة سنة ثمان ، وأسلمت ثقيف في رمضان بعد قدوم الرسول _صلى الله عليه وسلم_ من تبوك. وكذلك كانت معركة بلاط الشهداء سنة 411هـ في شهر رمضان ، وكان فتح العمّوريّة في هذا الشهر المبارك سنة 223هـ .

والأحداث كثيرة في التاريخ الإسلاميّ ، تنبئ أنَّ شهر رمضان لم يكن شهر راحة واسترخاء . لقد كان شهراً جامعاً لأنواع الجهاد الذي شرعه الله لعباده المؤمنين . فالصيام جهاد النفس ومجاهدتها ، وكذلك قيام الليل . ومجاهدة النفس هي أول أبواب الجهاد في حياة المسلم ، جهاد يمتدُّ معه في حياته كلِّها وميادينه كلّها . ولذلك كان حديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ يرويه فضالة بن عبيد _رضي الله عنه_ :
( المجاهد مَنْ جَاهد نفسه في الله ) [ أخرجه أحمد والترمذي وابن حبان ](6).

ويمتدُّ الجهاد في شهر رمضان المبارك ليبلغ بذل المال والنفس في سبيل الله في مجاهدة أعداء الله . فما كان شهر رمضان معطّلاً لطاقة من طاقات المسلمين في شتَّى الميادين ، وإنَّما كان يطلق طاقات المؤمنين على صراط مستقيم بيّنه الله لهم وفصّله ، وجعله سبيلاً واحدة وصراطاً مستقيماً ، حتى لا يضلَّ عنه أحد إلا الكافرون والمنافقون .

وكان أداء الشعائر في شهر رمضان والوفاء بها ، فرائض ونوافل ، ليلاً ونهاراً ، ينمّي طاقات المؤمنين لتنطلق في الأرض تبلّغ دعوة الله إلى الناس كافّة، وتجاهد في سبيل الله ، لتوفي بالأمانة التي حملها الإنسان ، والعبادة التي خُلِق لها، والخِلافة التي جُعِلَتْ له ، والعمارة التي أُمِرَ بها ليعمر الأرض بحضارة الإيمان .
كان أداء الشعائر أساساً حقيقيّاً يقوم عليه الوفاء بهذه المسؤوليات العظيمة في الأرض ، والتكاليف الربَّانيّة . كان المؤمنون يعون أنَّ تكاليف الإسلام لا تقف عند حدود الشعائر ، ولكنَّ الشهادتين والشعائر تقيم الأركان التي ينهض عليها الإسلام وتكاليفه :
فعن عبد الله بن عمر _رضي الله عنه_ عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قال : ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان )
[ رواه الشيخان وأحمد والترمذي والنسائي ](7)

كان المؤمنون المتقون الصادقون يعون هذه الحقائق ، ويعون أنّهم لم يُخْلقوا عبثاً ، وأنّهم لن يُتركوا سُدىً ، وأنَّ الله خلقهم لأداء مهمّة في الحياة الدنيا من خلال ابتلاء وتمحيص .

وكان فضل الله على عباده عظيماً ، حين فرض الشعائر على عباده المؤمنين ، لتكون مصدر القوة والطاقة للانطلاق إلى المهمّة العظيمة التي خلق الله الإنسان لها . وجعل مع هذه الشعائر الممتدّة مواسم تتجدّد . وكان صيام شهر رمضان من أعظم هذه المواسم ، صيام يتجدّد كلّ سنة ، مع نوافل في الصيام متجدّدة كلّ أسبوع أو كلّ شهر ، لتُغذّي طاقة المؤمنين لينطلقوا في الأرض . يوفون بالأمانة والعبادة والخلافة والعمارة .

ولا يقف الأمر عند ذلك ، ولكنّه يمتدُّ إلى أمور رئيسة عظيمة أخرى في حياة المسلمين بخاصّة وحياة البشريّة بعامّة . إنَّ أحكام صيام شهر رمضان المبارك تهدف في جملة ما تهدف إليه إشعار المسلمين في الأرض كلِّها أنَّها أمّة مسلمة واحدة ، تعبد ربَّاً واحداً هو الله الذي لا إله إلا هو ، وتدين بدين واحد هو الإسلام الذي لا يقبل الله ديناً غيره ، وتمضي على صراط مستقيم مشرق بالنّور ، بيّن بالآيات المفصَّلات ، أمّةً واحدةً رابطتها أُخوّة الإيمان ، الرابطة التي لا تعدلها رابطة في ميزان الإسلام :
" إنَّما المؤمنون إخوة … " [ الحجرات : 10 ]
" المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله . كلُّ المسلم على المسلم حرام عِرْضه وماله ودمه . التقوى هاهنا ـ وأشار إلى القلب ـ بحسب امرئ من الشرِّ أنْ يحقر أخاه المسلم " [أخرجه الترمذي ](8)

وتتوالى الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة لتؤكِّد هذه الحقيقة الهامة والقضية الخطيرة في حياة البشريّة كلِّها . وتأتي الأركان الخمسة الشهادتان والشعائر لتؤكِّد كلُّ واحدة منها هذه الحقيقة الهامّة مع سائر الحقائق الضرورية للمسلمين وللنَّاس كافَّة .

وقيام الأمة المسلمة الواحدة في الأرض صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص ضرورة أساسيّة للوفاء بتبليغ رسالة الله إلى النَّاس كافّة ، ودعوتهم إلى الإيمان والتوحيد وإلى دين الله كما أُنزل على محمّد _صلى الله عليه وسلم_.

إن تبليغ هذه الرسالة العظيمة ودعوة النَّاس إليها وتعهّدهم عليها ، أصبح فرضاً على الأمّة المسلمة على كلِّ مسلم قادر وعلى الأمة كلّها ، ولا يفلح المسلم ولا الأمة بهذه القضيّة إلا إذا كان المسلمون أمة واحدة صفاً كالبنيان المرصوص.
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ "
[ آل عمران : 144]
"وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [ آل عمران : 104 ]
وكذلك :
"إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ " [ الصف : 4]
إشراقة شهر رمضان المبارك تحمل في كلِّ سنة معاني كثيرة وحقائق هامّة من حقائق الإسلام الكبيرة . ونشير في هذه الكلمة الموجزة إلى الحقائق التي أوجزناها :
• الأمة المسلمة الواحدة صفّاً واحداً كالبنيان المرصوص .
• تبليغ دعوة الله إلى النّاس كافّة كما أُنزلت على محمّد _صلى الله عليه وسلم_.
• إنَّ قيام الأمة المسلمة الواحدة وتبليغ رسالة الله للنَّاس كافّة حاجة بشريّة وضرورة لصلاح حياة الإنسان على الأرض .
وهي ضرورة لنجاة المسلم والإنسان عامّة من فتنة الدنيا وعذاب الآخرة .
إنَّ شهر رمضان المبارك يذكرنا بهذه الحقائق كلّ عام ، كما تذكّرنا بها سائر الشعائر والشهادتان .

فما بال المسلمين اليوم تفرّقوا شيعاً وفرقاً وأقطاراً ، وما بالهم تمزَّقوا في صراع لا يرضاه الله ولا يأذن به ؟!
لقد تحوّل كثير من قواعد الإسلام إلى صورة جديدة لم يألفها الإسلام الذي جاء به محمّد _صلى الله عليه وسلم_، ولا يرضاها . فلقد تحوّل شهر رمضان إلى شهر موائد وطعام وتزاحم على ذلك ، وإلى التمسّك بالنوافل وترك بعض الفرائض . وارتخت العزائم وغاب الكثيرون في غفوة شديدة . وعلت الشعارات وبحَّت بها الحناجر ودوّت بها الساحات والمهرجانات ، ولم تدوّ بها الوقائع والأحداث .

نحتفل اليوم بإقبال شهر رمضان المبارك وفلسطين تغيب وراء الأفق ، ودماء المسلمين فوّارة في الأرض تحت هدير المعتدين الظالمين المجرمين ، وأشلاء المسلمين وأعراضهم وحرماتهم وأموالهم منثورة يتزاحم عليها المجرمون.
يأتي شهر رمضان المبارك ، كثيرون يتسابقون إلى مواقف الاستسلام والاستخذاء لأعداء الله ، كثيرون يلتمسون النصر من أعداء الله أو من أوثان أو من أوهام ، في تمزّق وفرقة وشتات .

في الأيام الأخيرة من شهر شعبان ترى الناس يتسابقون إلى الأسواق يختارون أطايب الطعام للإفطار وللسحور . إنّها القضيّة التي تشغل بال الكثيرين . وعندما تدور الأحاديث عن شهر رمضان المبارك في بعض وسائل الإعلام في العالم الإسلاميّ ، ينصبُّ كثير منه حول اختلاف الأطعمة من بلد إلى بلد ، وحول اختلاف العادات من بلد إلى بلد في الاحتفاء بشهر رمضان المبارك ، العادات التي توارثها جيل عن جيل في مراحل الوهن والضعف .

كثيرون ممن ينتسبون إلى الإسلام يقضون لياليَ رمضان مع بعض الفضائيات وبرامجها المتفلّتة ، وآخرون يقضونها في ألوان أخرى من اللهو والضياع ، وآخرون قد لا يصومون أو يصلّون ، ويظلّون يصرّون على أنّهم من المسلمين .

يقبل شهر رمضان المبارك ، والمسلمون ليس لهم نهج ولا خطة لمجابهة الواقع الأليم إنما هي شعارات وأمانيّ وأوهام من خلال الفرقة والتمزق والصراع.
لو أحصيت الذين يصلّون الفجر أو أيّ وقت آخر في العالم الإسلاميّ كلّه، وأحصيت عدد الذين ينتسبون إلى الإسلام حسب الإحصائيات ، لوجدت النسبة منخفضة جداً . فمن يستفيد من هذه الملايين الضائعة من المنتسبين إلى الإسلام . إنَّ أعداء الله هم الذين يستفيدون من ذلك كلّه ، من خلال عمل منهجيّ دائب ليل نهار .

كان شهر رمضان المبارك يقبل فيجمع المسلمين أمة واحدة في المساجد ، وفي ميادين الجهاد ، وفي البناء والعمل المتواصل ، يمضون على صراط مستقيم، يعرفون أهدافهم والدرب الذي يؤدِّي إلى الأهداف . واليوم تشعَّبتْ السبل وضاعت الأهداف ، وعمّيت علينا الحقائق .

كان شهر رمضان المبارك يقبل ، فيبادر النّاس كعادتهم بعد صلاة الفجر إلى العمل والسعي والبناء . واليوم يغلب النوم على الكثيرين فلا يستيقظون على صلاة الفجر ، ويمتدُّ بهم النوم إلى وقت متأخر من الضحى أو النهار كلّه .

لقد تغيّر واقع المسلمين . فعسى أن تنهض العزائم مع إشراقة رمضان لاستئناف الحياة الصادقة ، حياة بناء الأمة الواحدة والصفّ الواحد ، حياة تبليغ الدعوة إلى النّاس كافّة . وبهذه المناسبة ، ومع إطلالة شهر رمضان المبارك أقول هذه الأبيات :

رَمَـضـانُ أقْـبِـلْ ! مُـدَّ مـن      فـيءٍ وهــات مـن الـظـلال
واسـكـبْ علـى فمـيَ الـبَـلا       لَ ورشــفـةَ الـمـاءِ الــزُّلالِ
واسْـقِ الـبَـواديَ مـنْ نــدا      كَ ومِـنْ مَـواطِــرِك الـثِّقــالِ
واطْـوِ الـسَّـرابَ عـن الجـنـا      نِ عـن الـحُـقُـول عَـنِ الـرّمالِ
وامـــلأْ بِــنــورِكَ كــلَّ دا      جـيَــةٍ مُـروِّعــةِ الـخـيـالِ
فـي فـرْحَـةٍ نَـشَرَتْ على الـدُّ      نْـيـا الـنـدِيّ مـن الأمــالـي


________________

1. المسند : 4/107 ، الفتح الرباني : 48/46 . صحيح الجامع الصغير وزيادته : 1/1497 .
2. صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( ط : .3) رقم : ( 55) .
3. المرجع السابق : رقم : ( 1907) .
4. المرجع السابق : رقم : ( 471) . أحمد المسند : 2/357
5. أحمد : 5/4/-5 ، 9/219 ـ 220 ، صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( ط : 3) رقم : 6326 .
6. أحمد : المسند : 6/22 ، الفتح : 14/10 – 11 ، صحيح الجامع الصغير ويزادته : ( ط : 3) رقم : 6679 .
7. صحيح الجامع الصغير ويزادته : ( ط: 3) رقم : ( 2840) .
8. صحيح الترمذي : البر والصلة : 18/1927 . صحيح الجامع الصغير زيادته : ( ط : 3) رقم : 6706 . عن أبي هريرة .


المصدر : موقع المسلم

 

 

 

هارون الصبيحي
عندما يريد بعض الناس ان ينتقد تصرف غريب اوجديد لاحد ما تجده يقول عنه انه مخالف للعادات والتقاليد ، وفي كثير من الاحيان في وسائل الاعلام وعلى المحطات الفضائية العربية نسمع عبارة مجتمع شرقي وعادات وتقاليد ولا يأتون لذكر الدين مع ان الدين الرسمي للدول العربية هو الاسلام فهل اذا اشرنا الى تصرف خاطئ وقلنا انه مخالف للدين نخشى ان نتهم بالتطرف ام ان العادات والتقاليد اهم من الدين في نظر البعض ؟ مع العلم ان الكثير من العادات والتقاليد بعيدة كل البعد عن الدين . لماذا نلزم انفسنا بعادات وتقاليد وبدع بالية ليست من الاسلام بشيء؟ ثم لماذا لا نذكر بكل صراحة اذا اتى سياح اجانب او عرب وساروا بالشوارع شبه عراة ان ذلك مخالف للدين ونختبئ خلف عبارة مجتمع شرقي وعادات وتقاليد .
هل نخجل من دين العدل والمساواة والمحبة والخير ام ماذا ؟ البعض يتصرف عن جهل ولكن هناك من لا يريد لنا الالتزام بالدين واخلاق الاسلام ويظن ان هذا قد يولد التطرف والتعصب او لهدف اخر وهذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلا ولا ينبغي السكوت عليه. نحن امة نؤمن بالله ونسير على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وننبذ العنف والتطرف ولكننا لا نسكت على اي امر فيه اساءة للدين او نستبدل تعاليم الدين بالعادات والتقاليد والمجتمع الشرقي كما يريد البعض لادمغتنا ان تعمل وهذا هو الشعب الردني حسب وجهة نظري .

 

المراهقون.. والرغبة في الاستقلال
 
 
جعل الله ـ عز وجل ـ المراهقة مرحلة انتقالية بين الطفولة والرشد، ولهذا فإن أحد مفاتيح فهم شخصية المراهق يتمثل في إدراك الأنشطة والمواقف التي يحاول المراهق من خلالها أن يُثبت لنفسه ولمن حوله بأنه جدير بالاحترام، وجدير بأن يعامَل على أنه شخص كامل الأهلية وذو رأي ناضج ومعبر عن خبرة وتجربة .... مساعي المراهق للاستقلال كثيرا ما تتجلى في مجادلة والديه وإخوته في أمور تافهة وصغيرة، وهو حين يجادل لا يشك في أن رأيه صواب، وأن رأي غيره خاطئ مئة في المئة.
في يوم من الأيام دخل أحد المراهقين إلى بيت أهله وهو غاضب، وحين سألته والدته عن سبب غضبه أبى أن يتكلم، وبعد إلحاح شديد قال: إن خالي أهانني إهانة شديدة، وذلك أني ألقيت عليه السلام مرتين، ولم يرد عليّ، وأخذ الفتى يتحدث بصوت مرتفع مع شيء من الهياج عن أن رد السلام واجب، ولو كان الذي يلقي السلام صغير السن، ثم شرع يذكر لوالدته سبب عدم رد خاله للسلام، وأنه يكمن في أن علاقته ـ أي الخال ـ مع أبيه ليست جيدة بسبب نزاع على ملكية إحدى الأراضي، فأحب أن يتجاهله، ويُعرِض عنه، وقد حاولت والدته إقناعه بأن ذلك لم يكن مقصودا، وأن خاله لم يسمع بالتأكيد سلامه، لكن الفتى كان يرفض ذلك بشدة، ويرد على والدته كل كلمة تقولها، وكل احتمال تسوقه، قالت والدته: سوف أسأل خالك عن هذا، وأحاول أفهم أسباب ما جرى، وكان رد الفتى: أن لا فائدة من ذلك لأن خاله لن يقول الحقيقة! وحين سألت الأم أخاها عن ذلك أقسم يميناً مغلّظة أنه لم ير ابن أخته، ولم يسمع تسليمه، وأنه كان وقت مرور ابن أخته في حالة سيئة جدا بسبب ما سمعه عن طلاق ابنته من زوجها.... ومع هذا فإن الفتى لم يقتنع!
إن الطفل يقول: أنت، وإن المراهق يقول: أنا، أما الراشد فإنه يقول: نحن، هكذا هي مرحلة المراهقة ، إنها مرحلة اعتزاز بالذات وبناء الاستقلالية.
 في بعض الأحيان يتجلى سعي المراهق إلى الاستقلال في إغلاق باب غرفته عليه دون أي سبب يدعو إلى ذلك، إنه يريد أن يؤكِّد أن هذه المساحة من المنزل له وحده، ولا ينبغي اقتحامها إلا بإذنه، لكن الأهل يستنكرون ذلك أشد الاستنكار، وكثيرا ما يثير ذلك في نفوسهم الشك والريبة، ولهذا فإنهم يحذّرونه مئات المرات من إقفال الباب على نفسه، وهو مصرٌّ على القيام بذلك من أجل توكيد معنى الخصوصية والانعتاق من التبعية.
كثرة الخروج من المنزل تعبير آخر عن الاستقلال، فالمراهق يدرك أنه ما دام داخل المنزل، فإن عليه أن يتلقى الأوامر، ويسمع ويطيع، ويرضخ لسلطة الكبار في المنزل، أي أن استقلاله وهو في بيته يكون دائما منقوصا. ويكثر خروج المراهقين من منازلهم في أيام الإجازات، حيث لا يكون للبقاء في المنزل أي معنى، وقد كانت إحدى الأمهات تداعب ابنها إذا عاد من اللعب مع أصدقائه بقولها: لا بد أنك الآن جائع، ولولا ذلك لما عدتَ إلى المنزل!.
لكن هذا مؤقت، وحين يكبر المراهق، ويدخل في مرحلة الشباب، فإن الحس الجماعي سينمو لديه، ومع نموه سوف يتعلم كيف يتقبل الآخرين، وكيف يعذرهم، و كيف يعايشهم.
                             
د. عبد الكريم بكار

 

كيف حال قلبك مع الله؟

صلاح أحوال الناس في دنياهم وآخرتهم إنما يكون بصلاح علاقتهم بربهم سبحانه، كما أن فساد دنياهم وآخرتهم سببه فساد الصلة بينهم وبين الله كما قال سبحانه: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير"(الشورى:30 )

وقال للمؤمنين يوم أحد: "
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)(آل عمران: 165)
وهذه الصلة مع الله إنما يكون صلاحها وفسادها بحسب صلاح القلب وتعلقه بالله وفساده وبعده عنه، فالقلوب هي مفتاح كل خير إذا صلحت وباب كل شر إذا فسدت.. قال النبي صلى الله عليه وسلم :"ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" (متفق عليه).
فمتى أحسست بضيق في صدرك أو قلة في رزقك أو هم أو غم في نفسك فقل "هو من عند أنفسكم"
وإذا تغيرت عليك الزوجة، وعصاك الولد، وفسدت السيارة، وتشتت بك الآراء، وتشعبت بك الأهواء، فقل "هو من عند أنفسكم".
 وإذا رأيت تسلط الأعداء، وتحكم الأمراء، وانقلاب حال الأحبة والأصدقاء، فقل "هو من عند أنفسكم".
لما دخل سفيان الثوري إلى الحرم فوجد الشرطة ـ ولم يكونوا يتواجدون فيه من قبل ـ بكى وقال: إن ذنوبا ولَّت علينا هؤلاء إنها لذنوب جسام.
وعندما طغى الحجاج وبغى قال أصحاب الحسن البصري له: ألا نخرج فنغير بالسيف، قال: إن الحجاج عقوبة من الله، ولن تغير عقوبة الله بالسيف، ولكن توبوا إلى ربكم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
إن الإسلام لم يهتم بشيء في الإنسان بقدر ما اهتم بقلبه، فقد جعل هذه المضغة الصغيرة هي بيت الإيمان وموقع الصدق ومحلة الإخلاص، بل وكل أعمال الإيمان من خوف ورجاء وإنابة وتوكل ومحبة وإخبات إنما محلها القلب.
وجعل الله قبول الأعمال وتفاضلها بحسب ما في القلوب من صدق وإخلاص؛ فإذا فرغ القلب عن ذلك وفسد ردت الأعمال على أصحابها، فعند ذلك كم من قائم ليس له من قيامه إلا طول السهر، وكم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وكم من قتيل بين الصفين الله أعلم بحاله.
كيف حال قلبك مع الله؟
ومن هنا وجب على كل مسلم واعٍ يريد النجاة أن يهتم بقلبه اهتماما خاصا بل وخاصا جدا فيسأل نفسه دائما: كيف حال قلبك مع الله ؟
هذا السؤال الذي قلما يسأله الإنسان لنفسه أو يسأله أحدنا لأخيه بل تجد الواحد منا يلقى أخاه فيسأله عن بيته وسيارته وعمله وأولاده وربما سأل عن الخادمة والسائق، يسأل كل شيء ولكنه لا يسأل عن  أهم شيء ألا وهو كيف حالك وحال قلبك مع الله؟
لقد كان حال سلفنا غير حالنا: كانوا إذا تلاقوا سألوا أول ما يسألون عن الإيمان؛ حتى أصبح معلوما عندهم أنه إذا سأل أحدهم أخاه عن حاله إنما يريد حال قلبه مع ربه. ودليل هذا في الحديث الذي في صحيح مسلم عن أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت؟ يا حنظلة! قال قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله! ما تقول؟ قال قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. يذكرنا بالنار والجنة. حتى كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات. فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله! إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة. يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟" قلت: يا رسول الله! نكون عندك. تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأى عين فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن ياحنظلة! ساعة وساعة" ثلاث مرات.
فانظر كيف كان حنظله يراقب قلبه في كل حال وعند كل موقف يراقبه وهو عند رسول الله فيحس حالة من الإيمان عالية كأنه يرى الجنة والنار أمام عينيه ويراقبه عندما يرجع بيته فيعافث الزوجة ويلاعب الأولاد وينشغل ببعض أمور الدنيا الواجبة عليه فيحس بتغير في القلب فيظن ذلك نفاقا فيسارع إلى رسول الله ليطمئن على قلبه.
وهذا لم يكن حال حنظله وحده وإنما كان حال كل أصحاب رسول الله؛ فقد سأل عمر حذيفة رضي الله عنهما: هل سماني رسول الله في المنافقين؟ فقال لا ولا أؤمن أحدا بعدك.
فمن أين تعلموا ذلك؟
لقد تعلموه من نبيهم صلوات الله وسلامه عليه فإنه كان يتعهدهم بالسؤال عن أحوالهم وإيمانهم ويعلمهم أن قلب العبد وإيمانه هو رأس ماله الذي يجب أن يحافظ عليه ويوليه أعظم اهتماماته فيقول لهم:
"
إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم. ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (رواه مسلم)
ويقول: "إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء. (رواه مسلم). وفي رواية عند ابن أبي حاتم قال "إن شاء أن يزيغه أزاغه وإن شاء أن يقيمه أقامه".
وقال أيضا: " التقوى ههنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات." (رواه مسلم والترمذي )
ويا طالما سمعوه يدعو ويقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك". رواه الترمذي وحسنه


فلما سمعوا ذلك منه ورأوا حاله عظم اهتمامهم بقلوبهم وكثر كلامهم عنها:
يقول ابن مسعود رضي الله عنه: اطلب قلبك في ثلاثة مواطن: عند سماع القرآن، وعند الخلوة، وفي مجالس الذكر فإن لم تجده في هذه المواطن فسل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك.
ودخل عليه ناس من الدهاقين فجعل الناس يتعجبون من صحة أجسامهم وغلظ رقابهم فقال ابن مسعود: إنكم تجدون الكافر من أضح الناس جسما وأمرضهم قلبا وتجدون المؤمن من أصح الناس قلبا وأمرضهم جسما، وأيم الله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لصرتم أهون على الله من الجعلان.
وكان أبو الدرداء يقول: اللهم إني أعوذ بك من شتات القلب. قيل: وما شتات القلب؟ قال: أن يكون لك بكل واد مال.
إن مما يجعل المسلم دائما مراقبا لقلبه في كل لحظة أن هذا القلب يتقلب في اللحظة الواحدة مرات ومرات ولا يثبت على حال كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "للقلب أشد تقلبا من ريشة في فلاة تقلبها الريح ظهرا إلى بطن" (صححه الألباني في كتاب السنة)
وقال: "للقلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا" حسنه ابن تيمية لغيره
ولهذا كان النبي عليه صلوات الله وتسليماته يكثر من الدعاء: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" (رواه الترمذي وحسنه)
وكذلك قسم الله القلوب إلى مريض وسليم وميت وأخبر أن النجاة في الآخرة إنما تكون لصاحب القلب السليم كما قال سبحانه على لسان إبراهيم "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" (الشعراء 88، 89)
وإذا كانت النجاة في الآخرة متوقفة على سلامة القلوب، فينبغي أن تكون مقامات الناس في الدنيا أيضا على حسب ما في قلوبهم من الإيمان والتقوى فليست قيمة المرء بقدر ماله أو بحسن ثوبه أو بنوع تجارته ولا حتى بالجاه والمنصب وإنما كما قال تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، فحسب المؤمنين ونسبهم التقوى وهكذا ينبغي أن يوزن بها الناس لا بأعراف الجاهلية والأعراض الدنيوية وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ذلك أن قيمة الإنسان بقيمة ما في قلبه من الإيمان.
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا. قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
فما رفع المسكين إلا قلبه، وما وضع ذاك المختال إلا قلبه، فسلوا الله قلبا سليما لعل الله يرزقنا به النجاة " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم".
 

 

 
   
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement